فصل: فصل في مقدار الواجب ووقته

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


-  فصل في مقدار الواجب ووقته

- الحديث الخامس‏:‏ روى أبو سعيد الخدري، قال‏:‏

- كنا نخرج ذلك على عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏.‏

قلت‏:‏ أخرجه الأئمة الستة ‏[‏البخاري‏:‏ ص 204، ومسلم‏:‏ ص 318، واللفظ له، والنسائي‏:‏ ص 348‏]‏ عنه مختصرًا ومطولًا، قال‏:‏ كنا نخرج إذا كان فينا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ زكاة الفطر عن كل صغير وكبير، حر أو مملوك صاعًا من طعام، أو صاعًا من أقط، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من زبيب، فلم نزل نخرجه حتى قدم معاوية حاجًا، أو معتمرًا، فكلم الناس على المنبر، فكان فيما كلم به الناس، أن قال‏:‏ إني أرى أن مُدَّين من سمراء الشام تعدل صاعًا من تمر، فأخذ الناس بذلك، قال أبو سعيد‏:‏ أما أنا فإِني لا أزال أخرجه أبدًا ما عشت، قال أبو داود ‏[‏أبو داود في ‏"‏باب كم يؤدي صدقة الفطر‏"‏ ص 245‏.‏‏]‏‏.‏ وذكر فيه رجل واحد عن ابن علية، أو صاع حنطة، وليس بمحفوظ، وذكر معاوية بن هشام‏:‏ نصف صاع من بر، وهو وهم من معاوية بن هشام، أو ممن رواه عنه، انتهى كلامه‏.‏ وقد أساء عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏ إذ قال‏:‏ زاد أبو داود في هذا الحديث‏:‏ أو صاع حنطة، لأن هذا يوهم أن هذه الزيادة متصلة عند أبي داود، وليس كذلك، هكذا تعقبه عليه ابن القطان، والله أعلم، وحجة الشافعية من هذا الحديث في قوله‏:‏ صاعًا من طعام، قالوا‏:‏ والطعام في العرف هو الحنطة، سيما وقد وقع في رواية للحاكم‏:‏ صاعًا من حنطة، وهي التي أشار إليها أبو داود، أخرجه في ‏"‏المستدرك‏"‏ ‏[‏المستدرك‏"‏‏:‏ ص 411 - ج 1‏.‏‏]‏ من طريق أحمد بن حنبل عن ابن علية عن ابن إسحاق عن عبد اللّه بن عبد اللّه بن عثمان بن حكيم بن حزام عن عياض بن عبد اللّه، قال‏:‏ قال أبو سعيد، وذكر عنده صدقة الفطر، فقال‏:‏ لا أخرجه إلا ما كنت أخرجه في عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، صاعًا من تمر ‏[‏سياق الحديث هكذا‏:‏ صاعًا من تمر، أو صاعًا من حنطة، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من أقط، فقال له رجل، الخ‏.‏‏]‏، أو صاعًا من حنطة، أو صاعًا من شعير، فقال له رجل من القوم‏:‏ أو مُدَّين من قمح‏؟‏ فقال‏:‏ لا، تلك قيمة معاوية، لا أقبلها ولا أعمل بها، انتهى‏.‏ وصححه، ورواه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏الدارقطني‏:‏ ص 222‏.‏‏]‏ من حديث يعقوب الدورقي عن ابن علية به سندًا ومتنًا، ومن الشافعية من جعل هذا الحديـث حجة لنا من جهة أن معاوية جعل نصف صاع من الحنطة عدل صاع من التمر والزبيب، قال النووي في ‏"‏شرح مسلم‏"‏ ‏[‏ص 318‏.‏‏]‏‏:‏ هذا الحديث معتمد أبي حنيفة رضي اللّه عنه، ثم أجاب عنه بأنه فعل صحابي، وقد خالفه أبو سعيد، وغيره من الصحابة ممن هو أطول صحبة منه، وأعلم بحال النبي عليه السلام، وقد أخبر معاوية بأنه رأىٌ رآه، لا قول سمعه من النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، انتهى كلامه‏.‏ قلنا‏:‏ أما قولهم‏:‏ إن الطعام في العرف هو الحنطة، فممنوع، بل الطعام يطلق على كل مأكول، وهنا أريد به أشياء ليست الجنطة منها، بدليل ما جاء فيه عند البخاري ‏[‏البخاري في ‏"‏باب صدقة الفطر قبل العيد‏"‏ ص 204‏.‏‏]‏ عن أبي سعيد، قال‏:‏ كنا نخرج في عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يوم الفطر صاعًا من طعام، قال أبو سعيد‏:‏ وكان طعامنا الشعير، والزبيب، والأقط، والتمر، انتهى‏.‏ قال الشيخ في ‏"‏الإِمام‏"‏‏:‏ وروى ابن خزيمة في ‏"‏مختصر المختصر‏"‏ بسند صحيح ‏[‏في نسخة - الدار - ‏"‏في مختصر المسند الصحيح‏"‏ ‏"‏البجنوري‏"‏‏.‏‏]‏ من حديث فضيل بن غزوان عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ لم تكن الصدقة على عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إلا التمر، والزبيب، والشعير، ولم تكن الحنطة، انتهى‏.‏ وأما ما رواه الحاكم فيه‏:‏ أو صاعًا من حنطة، فقد أشار أبو داود إلى هذه الرواية في ‏"‏سننه‏"‏ وضعفها، فقال‏:‏ وذكر فيه رجل واحد عن ابن علية‏:‏ أو صاع حنطة، وليس بمحفوظ، انتهى‏.‏ وقال ابن خزيمة فيه‏:‏ وذكر الحنطة في هذا الخبر غير محفوظ، ولا أدري ممن الوهم‏.‏ وقول الرجل له‏:‏ أو مُدّين من قمح، دال على أن ذكر الحنطة في أول الخبر خطأ ووهم، إذ لو كان صحيحًا لم يكن لقوله‏:‏ أو مُدَّين من قمح معنى، انتهى‏.‏ نقله الشيخ في ‏"‏الإِمام‏"‏ عنه، وقد عرف تساهل الحاكم في تصحيح الأحاديث المدخولة، وقول النووي‏:‏ إنه فعل صحابي، قلنا‏:‏ قد وافقه غيره من الصحابة الجم الغفير، بدليل قوله في الحديث‏:‏ فأخذ الناس بذلك، ولفظ‏:‏ الناس للعموم، فكان إجماعًا‏.‏ وكذلك ما أخرجه البخاري، ومسلم عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ فرض رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ صدقة الفطر على الذكر والأنثى، والحر والمملوك صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، فعدل الناس به مُدَّين من حنطة، ولا يضر مخالفة أبي سعيد لذلك، بقوله‏:‏ أما أنا فلا أزال أخرجه، لأنه لا يقدح في الإِجماع، سيما إذا كان فيه الخلفاء الأربعة، أو نقول‏:‏ أراد بالزيادة على قدر الواجب تطوعًا، واللّه أعلم‏.‏

وقوله‏:‏ ولنا ما روينا، يشير إلى حديث عبد اللّه بن ثعلبة المتقدم أول الكتاب‏.‏